المجلة الاجتماعية العدد 143

143

تحميل الملف الكامل هنا

1200px-PDF_file_icon.svg

يضم هذا العدد من مجلة ” شؤون اجتماعية” ست دراسات : اثنتان منها عن دولة الإمارات العربية المتحدة، الأولى بعنوان “السياسة الخارجية للشيخ زايد بن سلطان آل نهيان تجاه الدول  العظمى 1990_1971 : الولايات المتحدة الأمريكية والاتحاد السوفيتي أنموذجاً ” للباحثين ” أ.م. د صبا حسني مولى، والأستاذ الدكتور محمد كامل محمد الربيعي”. وقد بين الباحثان أن الشيخ زايد اعتمد سياسة حكيمة ومتوازنة مع هاتين الدولتين، فلم يدخل في حربهما الباردة ولم ينحز لاحداهما ضد الأخرى، وإنما وقف على مسافة واحدة منهما، لكي لا يجعل من بلاده ساحة صراع وتنافس بينهما, في مرحلة حرجة من تاريخ  المنطقة التي حروبا و استقطابات  واسعة، فلقد احتل الاتحاد السوفيتي أفغانستان في أيلول من عام 1979 مما دعا الشيخ زايد بن سلطان أل نهيان الى أن يطلب من الاتحاد السوفيتي اعادة نظره في موقفه . والى عدم التدخل في الشؤون الداخلية لأفغانستان .كما دعا سموه الولايات المتحدة الأمريكية وغيرها من الدول الكبرى الدائمة العضوية في مجلس الأمن في سنوات الثمانينات من القرن العشرين الى ابعاد منظمة الخليج العربي عن الصراعات الدولية بعد قيام الحرب العراقية الايرانية , والى ايقاف تلك الحرب لأن استمرارها يمكن أن يقود الى اغلاق الخليج العربي أمام الملاحة الدولية. وليس خافيا على أحد الجهد الذي بذله المغفور له الشيخ زايد قبل أن يقوم العراق بغزو الكويت؛ للوساطة بين العراق والكويت لتجنيب البلدين مشكلة كبيرة لن تكون في مصلحة أي منهما. وهكذا فإن حكمة المغور له الشيخ زايد وبعد نظره جعلت من الإمارات دولة تحتل مكانة رفيعة في  السياسة الدولية، إلى الحد الذي تفوقت فيه على حكومات دول أخرى أكثر سكانا وأكبر مساحة منها . والدراسة الثانية عن دولة الامارات , بعنوان :” نحو تطوير آليات الخطاب الإعلامي الآمن المضاد للكراهية  للدكتور “محمد أحمد فياض ” وقد هدفت الدراسة إلى التعرف على خطوات بناء الخطاب الإعلامي الآمن والمضاد للكراهية. وقد أشار الباحث إلى أن الكراهية هي أي محتوى يشمل التعدي على أشخاص بناء على عرقهم ودينهم وجنسهم وانتمائهم الوطني وإعاقتهم أو مرضهم. وقد أوصى الباحث بأن يتم بناء الخطاب الآمن المضاد للكراهية وفق الأساليب العلمية التي تقوم على الإقناع وتبصير الجمهور بالحقائق، وعدم الانجراف وراء الفعل ورد الفعل.

 والدراسة الثالثة في العدد؛ بعنوان: ”العنف القائم على أساس الجنس ضد النساء: دراسة اجتماعية لعينة مختارة من الناجيات من أعمال العنف في العراق”، سلطت فيها الدكتورة “لاهاي عبدالحسين” الضوء على العنف الذي مارسه تنظيم “داعش الإرهابي ” على النساء في المناطق ذات الأغلبية العربية السنية خلال ما يسمى بفترة تحرير المدن من هذا التنظيم . وأشارت الدراسة إلى ما تعرضت له الناجيات، من تعذيب وخطف واستعباد وتطهير عرقي واغتصاب منظم ، مما أدى إلى إصابة بعضهن بالعوق والانهيار إلى الدرجة التي فكر 20% منهن بالانتحار.

أما الدراسة الرابعة، فكانت من فلسطين المحتلة   “للأستاذ الدكتور زياد بركات “من جامعة القدس المفتوحة في طولكرم بعنوان “الثقافة التنظيمية السائدة في الجامعات الفلسطينية في محافظة طولكرم من وجهة نظر الطلبة”، وقد بين الباحث في مقدمة الدراسة أن المجتمع الفلسطيني يشهد في الوقت الراهن كثيرا من الحراك والتغيرات الملحوظة التي تفرض على مؤسساتها التعليمية تغير أساليبها التقليدية في الإدارة، وتبني المفاهيم التعليمية الحديثة من أجل تحقيق أهدافها بكفاءة وفعالية. بما في ذلك تعزيز الثقافة التنظيمية والمعرفية لدى الطلبة. وقد عرف الباحث تلك الثقافة بأنها مجموعة القيم والمعتقدات والأحاسيس الموجودة داخل المؤسسة التعليمية والسائدة بين العاملين فيها وتشمل المجالات التالية: الانتماء للجامعة، والأعراف الثقافية، والاتصال التنظيمي، والقيم التنظيمية، والمعتقدات التنظيمية، والبحث العلمي، والبيئة التنظيمية. وقد جاءت تقديرات أفراد العينة للمستوى الكلي للثقافة التنظيمية السائدة بمستوى متوسط، مما يستدعي إقامة البرامج التدريبية التي تساعد على فهم الثقافة التنظيمية واستيعابها.

والدراسة الخامسة في هذا العدد للأستاذ الدكتور “عبد العزيز عبد الكريم المصطفى” من السعودية بعنوان “مستويات الاحتراق النفسي لدى حكام كرة القدم في المملكة العربية السعودية” ومصطلح الاحتراق النفسي من المصطلحات النفسية المعاصرة والتي ظهرت خلال دراسات مجال ضغوط العمل المتمثلة بالإنهاك البدني والعقلي. وقد أظهرت نتائج الدراسة أن الحكام يعانون من بعض الضغوط النفسية التي تتراوح ما بين الدرجة المنخفضة جداً إلى الدرجة المتوسطة وقد أوصت الدراسة بضرورة إجراء الاختبارات الدورية على حكام الكرة من أجل التأكيد على أهمية الإعداد البدني والنفسي لهم.

والدراسة الأخيرة في العدد وعنوانها “العلاقات الدولية في الإسلام: مقارنة في الشريعة والقانون” للأستاذ الدكتور “عمر حمدان الحضرمي “, والدكتور “محمد صالح بني عيسى”, والدكتور “عمر صالح العمري “وقد بينت مشكلة الدراسة أن هناك خللاً في مستويات الفهم في الكثير من أجزاء المجتمعات الدولية للفقه الإسلامي، وخاصة ما تعلق منها بالفكر السياسي الإسلامي، وقد ساعد على ذلك أن هناك مجموعة من التنظيمات، ذات الارتباطات مع الجهل ومع جهات مشبوهة، تعمل جهدها على إلصاق صفات المحدودية والجمود بالفكر السياسي الإسلامي خلاف ما هو عليه في واقع الأمر. إذ إن السلام أساس العلاقات الدولية في الإسلام، وإن الحرب هي الاستثناء في هذه العلاقات، كما أنه لم يحدث أن شهد العالم الإسلامي حربا على الغرب المسيحي على شاكلة الحروب الصليبية، وعلى العكس فقد أعطت بوابة الأندلس للغرب دفعاً حضارياً كي يؤسس لعصر النهضة الأوروبية. كما أن المسلمين لم ينشؤوا نظاما استعماريا , ولم يدعوا إلى أي نوع من أنواع التمييز العنصري. وبالنتيجة فإن الإسلام دين فطرة تقود أحكامه إلى قواعد عامة تتعلق بحفظ الحياة وطلب السعادة والبحث عن الأمن والسلام. وإن العلاقات الدولية في الإسلام ارتسمت على أعلى مستويات العقل العلمي التنظيمي، واستمرت القواعد والممارسات الدولية في الإسلام رغم مرور بعض حالات التراجع والتشويه.

 إن هذا العرض لدراسات المجلة يشير إلى أن عاملنا العربي يشهد اليوم حركة بحثية جادة على مستوى العلاقات الدولية في العالم ارتكازاً على أساسيات الدعوات الإسلامية الرائدة التي تمثلت في دعوة ابن رشد إلى ترجيح النظر العقلي في الدولة والسياسة، وحديث ابن خلدون عن السياسة العقلية، وغيرهما من المفكرين والمجتهدين الإسلاميين الحديثين والذين يصعب حصرهم  ترفض التطرف والمغالاة والإقصاء؛ وتعزز روح التسامح والتعايش المشترك بين شعوب العالم؛ لتنعم تلك الشعوب بالأمن والاستقرار والتقدم .