بانتهاء عام 2018 أتم شعب الإمارات وقياداته الرشيدة الاحتفاء بعام زايد؛ زايد هذا الإنسان الاستثنائي في تاريخ دولة الإمارات العربية المتحدة والوطن العربي، فلقد كان زايد واحداً من قادة معدودين في تاريخ البشرية الذين كانت همتهم بحجم آمال أمتهم. لقد آمن زايد بشعبه وبقدرات شعبه على النهوض وصناعة المعجزات في فترة وجيزة. فسخر ثروة الوطن لخدمة الإنسان الإماراتي ووظفها لإنجاز أسرع عملية تنمية اقتصادية وعمرانية وثقافية وحضارية في تاريخنا المعاصر. فتحولت الثروة إلى مدارس تشرع أبوابها لاستقبال أبناء الإمارات المتعطشين للمعرفة والتعليم ذكوراً أو إناثاً ومن جميع الأعمار. مواطنين ومقيمين على حد سواء، وإلى مستشفيات تقدم خدمات صحية رفيعة المستوى لجميع المواطنين والمقيمين الذين يقصدونها على مساحة الإمارات العربية المتحدة، وإلى طرق ومطارات تضاهي أفضل مطارات العالم العريقة بالقدم، وإلى موانئ تنتشر على امتداد سواحل الإمارات على الخليج العربي وبحر العرب. حيث أعاد للإمارات ألقها التاريخي عندما كانت موانئها ومناراتها ملاذاً آمناً للسفن القادمة من جميع بلدان العالم حيث تحظى فيها بالأمان والدفء. وإلى مساكن تمنح للمواطنين الذين ذاقوا شظف العيش وقسوة الصحراء. فأصبح لكل مواطن بيتاً لائقاً به يوفر كل حاجاته. إن عظمة زايد وأفكاره المضيئة وأياديه البيضاء لم تقتصر على دولة الإمارات العربية المتحدة فحسب، فبصمات الشيخ زايد الإنسانية وصلت وانتشرت على مستوى العالم أجمع، وهي لا تزال بارزة حتى يومنا هذا، حتى غدت الإمارات نبراساً للسلم والتسامح والعطاء، يتحدث عنه العالم أجمع. وعطاء زايد كان ولا يزال عنوانا ورمزاً خالداً للعمل الإنساني؛ حيث أصبحت دولة الإمارات الدولة الأولى المانحة للمساعدات الإنمائية الرسمية من الدخل القومي الإجمالي على مستوى العالم، وقد أسهمت تلك المساعدات التي يذهب جلها للمشاريع التنموية في مجال التعليم والصحة والبنى التحتية في تقدم ونهضة العديد من الدول النامية وفي تغلبها على المصاعب التي كانت تواجهها.
وقد أكسب عطاء الإمارات ونهجها السلمي والإنساني مكانة رفيعة للإمارات بين دول العالم، حيث أصبح جواز الإمارات الجواز الأول في العالم من حيث عدد الدول التي ترحب بدخول المواطن الإماراتي إلى أراضيها بدون تأشيرة مسبقة. كما بات للإمارات كلمة مسموعة في المحافل الإقليمية والدولية لأن الإمارات هي صوت العقل والحكمة والتسامح والعدل في عالمنا المعاصر.
قد يكون عام زايد قد انتهى مع نهاية عام 2018 إلا أن مفاعيل هذا العام وتأثيراته ستستمر حية في مجتمع الإمارات أجيالا وأجيال؛ فلقد ألهب عام زايد مشاعر الإماراتيين الذين يمضون بعزيمة راسخة لمتابعة مسيرة البناء والعطاء التي أرسى دعائمها زايد الخير. فميراث زايد حي في قلوب شعب الإمارات وقيادته الرشيدة التي تحرص على متابعة السير على خطى زايد ونهجه الإنساني والتنموي، وفي ظل هذه القيادة تحرز الإمارات في كل يوم نجاحاً وانجازاً بحجم طموحات المغفور له بإذنه تعالى زايد. فلقد غدا اقتصاد الإمارات اليوم أكثر تنوعاً في الموارد؛ ولم يعد ذلك الاقتصاد الريعي الذي يعتمد على النفط فحسب، فلقد انخفضت نسبة مساهمة الأنشطة المتصلة بإنتاج النفط الخام والغاز الطبيعي إلى 22.3% من الناتج المحلي الذي ارتفع في عام 2017 إلى 1422 مليار درهم. وحافظت الإمارات على صدارتها في المؤشر العالمي لجذب الاستثمار مستحوذة على 36% من إجمالي الاستثمارات المتدفقة إلى الدول العربية. وبات لدى الإمارات بنية تحتية تضاهي أفضل ما في العالم، وبنية رقمية تواكب أفضل الممارسات العالمية.
وتفخر الإمارات بأن كوادرها الوطنية نجحت في بناء القمر الصناعي خليفة سات. ووضعته في مداره حول الأرض، وتم تشغيله بكفاءة عالية. ويشكل مواطنو الإمارات ما نسبته 6%من المشتغلين في قطاع الفضاء والتطوير، وما نسبته 4.3% من المشتغلين في الذكاء الصناعي. وبذلك حقق شباب الإمارات أبناء زايد ما سعى إليه زايد في استثماره في بناء الإنسان، حيث قال: “إن خير ما حصدناه في هذا الوطن هو بناء الإنسان الذي نعطي له الأولوية في الاهتمام والرعاية”. هذا وإن اهتمام قيادة الإمارات ما زال منصباً على بناء الإنسان. فعدد مؤسسات التعليم العالي في الدولة بلغ /85/ مؤسسة في العام الدراسي 2017-2018، وعدد الطلبة الملتحقين بمؤسسات التعليم العالي في السنة نفسها بلغ /137/ ألف طالب وطالبة، منهم 81,682 من المواطنين، ووصل عدد طلاب المدارس إلى 1,106,000 طالب وطالبة. وتحتل الإمارات المرتبة الأولى عالميا في إتمام المرحلة الابتدائية، والمرتبة الأولى أيضاً في نسبة الملتحقين بالتعليم العالي من الخارج إلى الدولة. وبقدر ما أولت الإمارات أهمية لاستيعاب جميع المواطنين في مراحل التعليم المختلفة، أولت الأهمية نفسها لجودة التعليم، حيث احتلت الإمارات المرتبة التاسعة عالمياً في قوة النظام التعليمي في سنة 2018. كما احتلت المرتبة الثانية عالميا في القدرة على جذب العقول. وإن المتتبع للمؤشرات العالمية في شتى المجالات سيجد دولة الإمارات تتربع دائما في المرتبة الأولى عربيا، وفي مقدمة المراتب العشر الأولى عالميا.
ولأن الإمارات كانت وستظل معطاءة وبناءة وسباقة في كل ما هو مفيد للإمارات وللإنسانية، أعلن صاحب السمو الشيخ خليفة بن زايد آل نهيان رئيس الدولة حفظه الله عام 2019 عاماً للتسامح، ويهدف هذا الإعلان إلى إبراز دولة الإمارات عاصمة عالمية للتسامح، وإلى تأكيد قيمة التسامح باعتبارها امتدادا لنهج زايد مؤسس الدولة، وعملا مؤسسيا مستداما يهدف إلى تعميق قيم التسامح والحوار وتقبل الآخر والانفتاح على الثقافات المختلفة.