تتسع احتفالية عام زايد في الإمارات لتشمل جميع المواطنين والمقيمين على أرضها من جميع المناهل والمشارب والأعراق والثقافات التي يزيد عددها عن مائتي ثقافة وقومية؛ وحدها حب زايد وقيمه التي قامت على العدالة والتسامح والمساواة.
لقد كان هذا العام فرصة للجميع للتأمل والاستنارة بمنهج زايد في بناء الدولة، وفي قيادة عملية التنمية والتطوير وبناء الانسان، وتشارك مجلة شؤون اجتماعية شعب الإمارات الاحتفاء بهذه المناسبة حيث تناولت افتتاحية العدد / 137/ من المجلة بعض جوانب استراتيجية زايد في التعليم الجامعي؛ وستتناول افتتاحية هذا العدد جانباً آخر من الجوانب التي قامت عليها ستتناول دوره الريادي في تمكين المرأة وإفساح المجال واسعاً أمامها لتحتل مكانة متميزة في مجتمع الإمارات خلال فترة وجيزة من عمر الزمن، فلقد واكب زايد مسيرة المرأة منذ قيام الاتحاد حيث قدم لها كل الدعم والمساندة والرعاية مؤكدا على ذلك بقوله “لقد واكبت بنفسي مراحل التطور الذي تشهده المرأة في بلادنا كما أنني على استعداد لتقديم مزيد من الدعم للحركة النسائية في كافة أنحاء الدولة للنهوض بالأسرة التي تعتبر المرأة أهم أركانها، إيماناً بأهمية المكاسب التي يجب أن تحققها المرأة في هذا الوطن”.
ولقد جعل زايد تعليم المرأة أمراً ممكناً ومقبولاً من كل أفراد المجتمع الذي كانت تسوده قيم البداوة. ويظهر ذلك جلياً عند قيامه بجولة تفقد فيها إقامة عدد من القرى، حيث علق على الرسوم الهندسية بقوله: ” كل شيء جميل على الورق ولكنه لا يناسب البدوي الذي سيسكن هنا، أولاً : لا يجب وضع المدارس متجاورة كما في المخطط، بل يجب أن توضع مدرسة البنات في طرف القرية، والبنين في الطرف الأخر، لأن هذا الفصل يجعل ابن البادية الذي لا تلائمه فكرة الاختلاط أكثر قابلية للاقتناع بإرسال ابنته للمدرسة”. كما كان زايد يمر على مدن وقرى الإمارات وعلى شيوخ القبائل لإقناعهم بأهمية تعليم الفتيات، وقدم لهم الدعم بهدف القضاء على الأمية. ولقد كان له ما أراد؛ فلقد أقبل مواطنو الإمارات على إرسال بناتهم إلى المدارس بشغف، ولم يمانع ابن البادية نفسه أن يرسل بناته ضمن البعثات التعليمية للدراسة خارج الدولة في دول عربية وأجنبية، لتعود وهي تحمل شهادة البكالوريوس والماجستير والدكتوراه في جميع التخصصات.
وكما دعم زايد تعليم المرأة دعم عملها، فهو يقول: “إنني أوافق على عمل المرأة في أي مكان تجد فيه احترامها ووقارها، وكل موقع عمل تجده مناسباً لها عليها ألا تتوانى في العمل فيه”.
وفي مكان أخر يقول المغفور له بإذنه تعالى زايد ” مجتمعنا بحاجة إلى عمل المرأة، فإن من لها دخل من عملها أكثر معزة وقدراً في نفسها ونظر زوجها، فعبء الحياة يحمله الرجل والمرأة”.
ولقد حظيت المرأة من زايد بكل التقدير والثناء على ما أنجزته وما حققته، فهو يقول: أنا نصير المرأة، وقدرتها بينة وواضحة ونجاحها لا يحتاج إلى دليل في عين المواطن هنا أو في الخارج، وبناتنا جادات طموحات ولا يصرفن وقتهن باللهو والبطالة، إنهن يشكلن إحدى دعائم مجتمع الإمارات لأنهن الابنة والأخت التي تحافظ على حياتها، والأم التي تربي الجيل الجديد، وهي باختصار كل شيء .
إن ما قدمه الشيخ زايد للمرأة لم يقتصر على دعمه لمسيرتها في مجال التعليم والعمل والصحة وسواها، بل كان حريصاً على أن يكون للمرأة إطار مؤسسي يوحد جهودها ويمكنها من أن تتبوا المكانة التي تليق بها في الحياة الاجتماعية والسياسية والاقتصادية، إضافة إلى دورها ضمن إطار أسرتها وفي تنشئة أبنائها، فدعم جهود النساء في تأسيس الجمعيات النسائية التي انتشرت في جميع أنحاء الدولة مثل جمعية المرأة الظبيانية وسواها من الجمعيات النسائية واضطلعت تلك الجمعيات بدور ثقافي واجتماعي متميز، وقد تعزز هذا الدور بتأسيس الاتحاد النسائى العام سنة 1975 الذي عمل على تنفيذ البرامج الطموحة في تنمية المرأة الإماراتية وتمكينها ثقافياً واجتماعياً واقتصادياً وصحياً ومهنياً كي تسهم بدورها في البناء والتنمية. وصار صوت المرأة الإماراتية قوياً ومسموعاً في المحافل العربية والدولية من خلال وجودها النشط في كل الفعاليات الخاصة بالمرأة.
لقد أثمرت جهود زايد في دعم مسيرة المرأة ووصلت إلى ما كان يطمح إليه، حيث يقول رحمه الله : “إن ما حققته المرأة في الامارات في فترة وجيزة يجعلنى سعيداً ومطمئناً بأن ما غرسناه بالأمس بدأ يؤتي ثماره، ونحمد الله على أن دور المرأة في المجتمع بدأ يبرز ويتحقق لما فيه خير أجيالنا الحالية والقادمة”
إن ما تمناه زايد للمرأة في الإمارات قد تحقق، ومازالت المرأة تحقق المزيد في ظل دعم وتوجيهات صاحب السمو الشيخ خليفة بن زايد آل نهيان رئيس الدولة حفظه الله وأخويه صاحب السمو الشيخ محمد بن راشد آل مكتوم نائب رئيس الدولة رئيس مجلس الوزراء حاكم دبي وصاحب السمو الشيخ محمد بن زايد آل نهيان ولي عهد أبوظبي نائب القائد الأعلى للقوات المسلحة، حيث اتسعت مساهمتها، ودخلت مجالات جديدة في معترك الحياة والسياسة والاقتصاد والعمل الاجتماعي والتطوعي حتى وصلت إلى ما وصلت إليه اليوم، حيث تتبوا أعلى المراتب، فهي ترأس المجلس الوطني الاتحادي؛ وتبلغ نسبة مشاركتها فيه 22%، وتشارك في مجلس الوزراء بنسبة 20%، وهذه النسبة من أعلى المعدلات في العالم. وبلغت نسبت مشاركتها في الوظائف القيادية العليا 33%، وفي السلك الدبلوماسي 10%، ونسبة مشاركتها في مجالس إدارة الشركات التي تساهم فيها الحكومة 15%، ووصلت نسبة مشاركة المرأة في الوظائف الحكومية 66%، والأعمال الحرة 15%، وفي المشاريع الصغيرة والمتوسطة 30%، وتبلغ نسبة الإناث في التعليم الجامعي 70%، كما نجد المرأة حاضرة في مجالات العمل الأخرى؛ فهي الآن طبيبة ومهندسة وقاضية، كما أنها عالمة وأستاذة في الجامعات، وقائدة طائرة، إضافة إلى مشاركتها في القوات المسلحة مجندة وضابطة كتفاً إلى كتف إلى جانب أشقائها. فلقد تجاوزت دولة الإمارات التمييز بين الرجل والمرأة؛ والمعيار اليوم في الترقي وشغل المراكز القيادية هو الكفاءة والتميز.