علي مدى العقدين الماضيين تزايد الاهتمام بمفهوم الهوية الوطنية، وأصبح تجسيدها التزاما وطنيا نحو مفرداتها، وما تتضمنها من مبادئ وقيم فتمت ترجمتها من قبل أفراد المجتمع نحو القيادة والحكم، وتعد دولة الإمارات العربية المتحدة من الدول الحريصة على تعزير معاني الهوية ومفرداتها لدى المواطنين، وذلك من خلال حزمة من المبادرات والفعاليات التي تنظمها المؤسسات والقطاعات الحكومية عن الهوية الوطنية في الإمارات، وقد تضمن العدد (130) من مجلة شؤون اجتماعة بحثا بعنوان: “استخدام الاتصال الحكومي في تعزيز الهوية الوطنية” للدكتورة “شريفة رحمة الله سليمان من جامعة الشارقة، وقد بينت الباحثة أن وسائل الاتصال بجميع أشكالها تؤدي دورا مهما ترجمة تلك القيم والتطلعات، وقد عرضت و بحثها تجارب عملية لعدد من القطاعات الحكومية التي قامت بترسيخ قيم الولاء، والانتماء لدى المواطنين وتعريز ممادسات المواطنة الصالحة، ونشر ثقافة الولاء الوطني، والانتماء والمسؤولية .
وأشارت الباحثة إلى دور رؤية الإمارات 2021 في تحديد الهوية الوطنية وتعزيزها في نفوس المواطنين، وتتكون الرؤية من أربعة عناصر رئيسية أولها: شعب طموح واثق متمسك بتراثه، والثاني اتحاد قوي يجمعة المصير المشترك والعنصر الثالث اقتصاد تنافسي بقيادة إماراتين يميزون بالمعرفة والإبداع، والعنصر الرابع جودة حياة عالية في بيئة معطاءة مستدامة، حيث يتمتع الاماراتيون برغد العيش ويهنؤون بحياة مديدة وصحة موفورة، ويحطون بنظام تعليمي من الطراز الأول ، تعزز خدمات حكومية متميزة ونثرية أنشطة اجتماعية وثقافية متنوعة في محيط سليم
الدراسة الثانية في المجلة من السعودية للدكتورة “خولة السبتي” بعنوان “العوامل الاجتماعية والاقتصادية المرتبطة بثقافة السفر للخارج لدى الأسرة السعودية” وقد بينت الباحثة أن ظاهرة السفر تعد من إفرازات الثقافة الاستهلاكية التي ظهرت في المجتمع ، والتي تمثل عبثا اقتصاديا له آثار ضارة على اقتصاد الأسرة السعودية ، وقد يلجأ رب الأسرة إلى الاستدانة لتوفير الأموال اللازمة للسفر وقد اقترحت الباحثة استحداث بدائل عن السفر إلى الخارج، من خلال انعاش السياحة الداخلية وتطويرها بما يتلاءم مع رغبة الأسرة السعودية واحتياجاتها، كما دعت إلى الحد من الاستهلاك التفاخري ونشر الوعي بثقافة الادخار .
وتتناول الدراسة الثالثة “مدى وعي الاختصاصين الاجتماعيين باتفاقية حقوق الطفل بمدارس سلطنة عمان .” للاستاذ الدكتور “عبد الرحمن صوفي عثمان ، والأستاذة نورة حمد سليمان الصبحي”، اتفاقية حقوق الطفل التي حظيت باهتمام خاص بالسلطنة، تمثلت بانضمام السلطنة للاتفاقية في سنة 1996، وإنشاء اللجنة الوطنية لرعاية الطفولة، والتي كان من أولى مهامها اقتراح السياسات والخطط من أجل تنفيد الاتفاقية، الا أن الدراسة أظهرت أن هناك قصورا في فهم هذه الاتفاقية من قبل الاختصاصيين الاجتماعيين الذين لم يدرسوا أية مقررات جامعية متعلقة بالاتفاقية، ولم يتم تزويدهم بنشرات حولها، كما أنهم لم يتلقوا تدريبا في أثناء ممارسة عملهم يتصل بالحقوق التي أقرتها الاتفاقية، كما أن الاغلبية العظمى من الاختصاصيين لا يعلمون بوجود الاتفافية، وتخلو الاجتماعات والنقاشات التي تتم بين الاختصاصيين من مناقشة بنود الاتفافية ، وقد اقترح الباحثان نشر وتوجيه أهتمام الاختصاصيين باتفاقية حقوق الطفل وزيادة وعيهم بها، وتضمينها في مناهج الإعداد الأكاديمي في الجامعات .
الدراسة الرابعة في العدد تناولت “الأبعاد الثقافية للبرامج الدرامية في القنوات الفضائية كما يراها الجمهور” للدكتور “محمد بن فهد الجبير” من السعودية، وقد أظهرت الدراسة أن للدراما بعض الأبعاد الثقافية الإيجابية، حيث إنها تفتح الأفق للثقافة الأخرى بدلا من الانغلاق على ثقافة واحدة، كما أنها توجه النقد لبعض المظاهر الاجتماعية السلبية ، وتعرض مشكلات اجتماعية وتساهم في حلها، وتحث على العمل التطوعي، وتعلم المشاهد الثقة بالنفس وتحمل المسؤولية، بالمقابل فإن بعض المشاهدين يرون أن لها ابعادا ثقافية سلبية تمثلت في أنها تعكس ثقافة أخرى غير ثقافة المجتمع، كما أنها توجه نقدا لثوابت الدين، وتسخر من السعودي رجلا. وامراة، ومجتمعا، وفيها معلومات غير صحيحة عن التاريخ والشخصيات الإسلامية .
وفي باب أراء وأفكار يضم العدد أربع مقالات تتناول مواضيع اجتماعية وانسانية مهمة، حيث يتناول الدكتور جاسم يونس الحريري” من العراق انعكاسات العامل الدولي على الفساد في المنطقة العربية” ويري الباحث أن المجتمع العربي أصيب بأفة الفساد الإداري وأصبحت هذه الأفة من ضمن الخمائر التي قد تؤثر على تطوره وتقدمه، ويؤدي العامل الخارجي دورا مهما في تعزير هذا الفساد من خلال توزيع الرشى وتشجيعها في مجتمعاتنا في حين أنها تجرمها في أوطانها
والمقالة الثانية للدكتور “جعفر حسن” من تونس، تناول فيها “الزواج بعض تعريفاته السوسيولوجية، ومقدمات أولية في البحث عن أنماطه وبعض محدداته من خلال المجتمع التونسي” وقد استعرض الكاتب المراحل التي مر بها الزواج عبر التاريخ، بدءا من الشيوعية الجنسية، مرورا بالزواج الجماعي، إلى وحدانية الزوجية:( تعدد الأزواج ووحدانية الزوجة، وتعدد الزوجات ووحدانية الزوج) وصولا إلى نظام الزواج الفردي من زوج وزوجة ، كما تطرق الكاتب إلى تطور المعايير التي تحكم اختيار الزوج والزوجة، والتي تتأثر بدرجة القرابة، والمكانة الاجتماعية، والأصل الاجتماعي، وتعليم المرأة وعملها، وعمل الزوج ومكانته. وتناولت الدكتورة “صباح شنايت” من الجزائر موضوعا عصريا مهما حول ” تجسيد الإدارة الإلكترونية في مؤسسات الضمان الاجتماعي في الجزائر نظام الدفع من قبل الغير المدعم ببطاقة الشفاء نموذجا” .
وأبرزت الباحثة أهمية الإدارة الإلكترونية لعصرنة وتحسين الخدمات العمومية ، والإنجاز الكبير الذي تحقق في الجزائر من خلال تغطية الضمان الاجتماعي لتوفير الخدمات الصحية والأدوية عبر بطاقة الشفاء الإلكترونية التي وفرت للمواطن الرعاية الصحية ، وحررته من الإجراءات البيروقراطية وتعقد الإجراءات والتكاليف الباهظة.
والمقالة الرابعة والأخيرة في العدد تناولت فيها الدكتورة “هناء بوحارة “من الجزائر ظاهرة الاحتراق النفسي كاستجابة لضغوط العمل في المهن الخدماتية الإنسانية والاجتماعية” وظاهرة الاحتراق النفسي التي تناولتها الباحثة من أبرز الظواهر النفسية التي نشأت في ميدان العمل في عالمنا المعاصر ، وغالبا ما تصيب العاملين في المجالات الخدماتية مثل : المرشدون الاجتماعيون، والأطباء، والمعلمون، والمحامون)، وأشارت الباحثة إلى أن أكثر الأفراد المعرضين للاحتراق (الأشخاص المتفوقون الممتازون ، ومدمنو العمل ، وأصحاب فضيلة العطاء بلا حدود، والمتواضعون) ، والمتحمسون. إن مواضيع المجلة بتنوعها وتعدد المجتمعات التي تتناولها غنية وتهم الباحثين والمختصين في الشأن الاجتماعي والإنساني.