في ظل التطورات التي يشهدها العالم العربي تبرز أهمية الشباب كفئة رائدة تؤدي دورا مهما في التغيير وتسهم بشكل بارز في أن تكون شريكة في صياغة مستقبلها ومستقبل وطنها، ولأهمية الشباب في مجتمعنا احتلت قضاياهم حيزا كبيرا في مجلة شؤون . اجتماعية منذ صدورها، ويتضمن العدد الحالي من المجلة بحثين عن الشباب. الأول: بعنوان ” واقع الشباب العربي وأثره في التنمية والتغيير” للدكتور ” أحمد يوسف أبو راس” يعالج فيه مفصلا رئيسا من مفاصل تنمية المجتمع؛ ألا وهي قضية الشباب؛ مركزا على الجوانب الآتية: عملية التعليم عند الشباب وأثر ذلك في عملية التنمية؛ وفرص العمل وطبيعة التشغيل وأثره على الشباب؛ وطبيعة العدالة الاجتماعية وتكافؤ الفرص؛ ودور الشباب في الحياة السياسية وعملية صنع القرار؛ وواقع الهوية العربية وصورة القومية العربية في نظر الشباب، ويخلص الباحث إلى أنه كلما كانت العلاقة بين الشباب والمجتمع قائمة على التوازن والانسجام والتفاعل المستمر، كلما وصلنا إلى صورة أفضل للعلاقة التفاعلية؛ وبالمقابل عندما لا يفي المجتمع باحتياجات الشباب، فالأمر ينعكس سلبا في عملية الامتثال للقواعد والمعايير والقيم الاجتماعية مما يخفف حماسهم ورغبتهم في الاندماج والحفاظ على الهوية الوطنية.
والبحث الثاني: عن الشباب وعنوانه ” نحو استراتيجية وطنية لتفعيل العمل التطوعي لدى الشباب السعودي “للدكتورة ” هيفاء عبد الرحمن بن شلهوب، والدكتورة ” سارة صالح الخشمي”. وترى الباحثتان أن عنصر الشباب من أهم عناصر الثروة البشرية، حيث يمثل ذروة القوى العاملة، والثقل الرئيسي في قوة الانتاج في أي مجتمع؛ لما يتمتع به من خصائص جسمية ونفسية وعقلية واجتماعية، وهو العنصر المنتج والمستهلك، وهو العامل الفعال في أي تخطيط اقتصادي أو اجتماعي ، والتحدي الأكبر الذي يواجه بلادنا اليوم هو : كيفية توجيه تلك الطاقات والقدرات إلى الاتجاه الإيجابى، للمشاركة في عملية التنمية ، وتوجيهه إلى الطريق الأمثل ليستثمر طاقاته، ويتحمل المسؤولية، مستشعرا بذلك ولاءه وانتماءه لوطنه،
وتركز الباحثتان على أن التطوع هو إحدى الوسائل الرئيسية التي يمكن أن يسهم بها الشباب في تدعيم مسيرة التنمية الاجتماعية والمشاركة الفعالة فيها، وقد تضمن البحث خطة استراتيجية وطنية لتفعيل العمل التطوعي لدى الشباب يمكن الإفادة منها والاسترشاد بها في العديد من الدول العربية التي يهمها توظيف طاقات الشباب وابداعاتهم في العمل التطوعي لخدمة المجتمع والنهوض به ودعم مسيرة التقدم والنماء في المجتمعات العربية.
والبحث الثالث: في العدد وعنوانه ” الأبعاد الاجتماعية لظاهرة العنوسة في مجتمع الإمارات” للدكتور ” أسامة عبد الباري “لا يبتعد كثيرا عن القضايا التي تهم الشباب وتؤرق المجتمع وهي: ظاهرة العنوسة، لأنها تحرم الكثير من الإناث من حقهن في تكوين أسرة يشاركن في بنائها! وبعيدا عن البحث في أسباب ظاهرة العنوسة الاجتماعية، والاقتصادية، والثقافية،
فإن من المهم التأكيد على أن للعنوسة آثارا متعددة منها: الآثار السلبية المحددة في مشاعر الحزن لحال العنوسة؛ مع الخجل من السعي نحو البحث عن زوج؛ كما تؤدي العنوسة إلى أشكال من الزواج المنقوص الذي يؤثر بالسلب على حقوق المرأة، كما أنها تفتح المجال أمام بروز أشكال عدم التكافؤ الاجتماعي وانعكاساته نتيجة القبول بزوج غير مناسب.
والبحث الرابع والأخير في العدد للدكتورة ” مرضية محمد البرديسي ” وعنوانه ” قراءة تحليلية مقارنة من منظور اجتماعي لوثيقة مسقط للقانون الموحد للأحوال الشخصية لدول الخليج العربية” وترى الباحثة أن أهمية صدور مثل هذه القوانين هو وجوب التزام القاضي بأحكامها، وحتى لا يكون هناك اختلاف في الحكم من قاض إلى آخر حسب مزاجه واجتهاده ومصلحته، فالقانون هنا ينطبق على الجميع، ويضع أسسا وقواعد لحياة الأسرة، وقد وجدت الباحثة أن هذه الوثيقة لا تلبي احتياجات دول الخليج العربي، وإن إصدار دول مثل الإمارات، وقطر، والكويت، والبحرين، وعمان، لقانون للأحوال الشخصية بشكل فردي هو اعتراف صريح بأن القانون الموحد لم يحتو على المسائل القانونية الكافية، بحيث يمكن الرجوع إليه كدليل استرشادي للعاملين في المجال القضائي، إضافة إلى شموله للعديد من المواد العامة التي ينقصها الشرح والتفسير. وقد خلصت الباحثة إلى عدد من الاقتراحات للأخذ بها عد صياغة قانون للأحوال الشخصية من أهمها: اتباع الأسلوب التفصيلي في نصوص المواد بحيث لا يترك أي فرصة للاجتهادات الشخصية، واعتماد سن الزواج بمرحلة الرشد بدلا من مرحلة البلوغ لكلا الطرفين، واعتبار الشهادة الصحيحة على الطلاق هي تلك التي ينطق بها أمام الشهود لدى قاضي الطلاق في حضور الزوجين، وبعد سماع أقوال الزوجة عن وضعها، وليست تلك المبنية على أقوال الشهود للبيانات التي يقدمها الزوج عن واقعة الطلاق للقاضي في ظل غياب المرأة عن هذا المجلس باعتبار الزوج في هذه الحالة خصما لها قد لا يذكر ما ينصفها.
وباللغة الانجليزية يتضمن العدد بحثا للدكتور ” لبيب أحمد بصول” والأستاذة ” لودي زيتون عودة” عنوانه ” الحكومات العربية الإسلامية المعاصرة في ظل النظرية والتطبيق”. بين فيه الباحثان أن حالة جديدة دخلت على المشهد السياسي الغربي، إذ حدث تغيير من أسفل الهرم إلى أعلاه متمثله بالمعارضة الشعبية للأنظمة غير الديمقراطية والديكتاتورية، مما قد يسهم في تحقيق نظم ديمقراطية في الوطن العربي.
وفي باب الآراء والأفكار يتضمن العدد مقالة للدكتور ” شوية بو جمعة” وعنوانها ” دور مناهج التربية البدنية والرياضة في تعزيز مبدأ الوسطية لدى الطلاب- الجزائر والمملكة نموذ جا” وهي مقالة جديرة بالقراءة لما للرياضة من دور في تنمية السمات الأساسية لمستقبل السلوك الحضاري للإنسان، تلك السمات التي تعتبر قاعدة البناء الاجتماعي للفرد، كالمثابرة والإخاء، وإنكار الذات، وتحمل المسؤولية.